ملف عن تجربة الإسلاميين في تركيا 1


رجب طيب أردوغان

جاء رئيس الوزراء التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان من رحم المؤسسة الدينية في تركيا، فهو خريج مدرسة دينية، كما أنه بدأ العمل السياسي من خلال التيار الإسلامي الذي قاده نجم الدين أربكان، لكنه يحاول منذ فوزه بالحكومة في عام 2002 التأكيد على أنه لا يمثل حزبا دينيا، لكنه يريد بناء دولة ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة كما في أوروبا ولا تسيطر فيها الدولة على الدين كما هو حال العلمانية التركية.
انخرط أردوغان في سن مبكرة في حزب السلامة الوطنية الذي أسس عام 1972 بزعامة أربكان، وظل عضوا في حزبي الرفاه ثم الفضيلة اللذين شكلهما أربكان إثر موجات الحظر التي كانت تطال أحزابه، وفي عام 1985 أصبح أردوغان رئيسا لفرع حزب الرفاه الوطني في إسطنبول، وفي عام 1994 فاز برئاسة بلدية إسطنبول.
خلال فترة رئاسته بلدية إسطنبول حقق أردوغان إنجازات نوعية للمدينة، الأمر الذي أكسبه شعبية كبيرة في عموم تركيا، لكن هذه الشعبية لم تشفع له حينما خضع لإجراءات قضائية من قبل محكمة أمن الدولة في عام 1998 انتهت بسجنه بتهمة التحريض على الكراهية الدينية ومنعه من العمل في وظائف حكومية ومنها طبعا الترشيح للانتخابات العامة.
كان سبب كل هذه العقوبات ما قاله أردوغان في خطاب جماهيري في نفس العام، حيث اقتبس أبياتا من الشعر التركي تقول (مآذننا رماحنا والمصلون جنودنا).
لم توقف هذه الحادثة طموحات أردوغان السياسية، لكنها ربما تكون قد نبهته إلى صعوبة الاستمرار بنفس النهج الذي دأب أستاذه أربكان على اعتماده، لذلك فهو اغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشق مع عدد من الأعضاء ومنهم وزير خارجيته الحالي عبد الله غل ويشكلوا حزب العدالة والتنمية في عام 2001.
منذ البداية أراد أردوغان أن يدفع عن نفسه أي شبهة باستمرار الصلة الأيديولوجية مع أربكان وتياره الإسلامي الذي أغضب المؤسسات العلمانية مرات عدة، فأعلن أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في مماحكات مع القوات المسلحة التركية وقال "سنتبع سياسة واضحة ونشطة من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمه أتاتورك لإقامة المجتمع المتحضر والمعاصر في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا".
بدا أن أردوغان حاول إمساك العصا من الوسط مقدما شكلا جديدا من الوسطية التي ستكون سببا في فوز حزبه بالأغلبية في انتخابات عام 2002 الأمر الذي جعله يشكل الحكومة منفردا برئاسة عبد الله غل بدلا من أردوغان الذي كان لايزال خاضعا للمنع القانوني.
بعد شهور تم تعديل الدستور للسماح بتولي زعيم الحزب أردوغان منصب رئاسة الوزارة الذي حاول خلال ولايته التأكيد على نهجه الوسطي، فكان يصرح بأن حزبه "ليس حزبا دينيا بل حزب أوروبي محافظ" كما أنه دأب على انتقاد ما قال إنه (استغلال الدين وتوظيفه في السياسة)، وأكد أنه لا ينوي الدخول في مواجهة مع العلمانيين المتشددين وحتى استفزازهم.
في الوقت ذاته ألقى أردوغان بثقله باتجاه قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، لم يكن ذلك فقط لإقناع العلمانيين أنه ليس نسخة من أربكان، لكنه أدرك أيضا أن مثل هذه العضوية ستضع تركيا في فلك الديمقراطية الأوروبية التي ترفض أي دور للعسكر وتمنح الناس حرية التدين أو عدمه وهما أمران يمثلان ضربة قوية لجوهر النظام العلماني التركي الذي يمنح الجيش صلاحيات واسعة ويسيطر على التدين وأشكاله.
وعلى الرغم من أن أردوغان تحاشى أي استفزاز للقوى العلمانية -حتى أنه أرسل ابنته المحجبة إلى أميركا لتدرس هناك بسبب رفض الجامعات التركية قبول طالبات محجبات- فإن ذلك لم يحل دون حديث العلمانيين عن وجود (خطر رجعي) قال قائد الجيش التركي إنه "وصل إلى مستويات قلقة".
وحتى مع عدم اتهام أردوغان مباشرة بالرجعية فإن الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر -وهو من أشد المدافعين عن العلمانية- اتهم قبل بضعة شهور فقط حكومة أردوغان بمحاولة أسلمة كوادر الدولة العلمانية قائلا إن التهديد الأصولي بلغ حدا مقلقا، الأمر الذي رد عليه أردوغان بحدة قائلا إن "من حق المؤمنين في هذا البلد أن يمارسوا السياسة".
هذا الهجوم يأتي قبل بضعة شهور فقط من انتهاء مدة ولاية الرئيس سيزر، واحتمال فوز أردوغان بمنصب رئيس الدولة الذي يمثل قيمة رمزية كبيرة للقوى العلمانية، وهو ما يجعل زعيم حزب العدالة والتنمية أمام مواجهة جديدة تتجاوز تهدئة مشاعر العلمانيين الذين باتوا يشعرون بخطورة هذا الرجل على المشروع الأتاتوركي برمته

posted under |

0 قالوا رأيهم/ أضف تعليقك:

Post a Comment

زد الموضوع جمالا بتعليقك

Newer Post Older Post Home

    يا خسارة علينا .

    يا خسارة علينا         .

مدوناتي


المصحف الشريف مكتوب
ملف وورد
هدية للمدونين للاستفادة في الاقتباس
اضغط على الصورة
father small

شرفونا

كلمات أحبها


قال الله تعالى
اني والانس والجن في نبأ عظيم
اخلق ويعبد غيري ... ارزق ويشكر سواي خيري الي العباد نازل ... وشرهم الي صاعد اتودد اليهم بالنعم ... وانا الغني عنهم ويتبغضون الي بالمعاصي ... وهم افقر مايكونوا الي اهل ذكري اهل مجالستي فمن اراد ان يجالسني فليذكرني اهل طاعتي اهل محبتي اهل معصيتي لا اقنطهم من رحمتي ان تابوا فانا حبيبهم وانا ابوا فانا طبيبهم ابتليهم بالمعاصي لاطهرهم من المعايب من اتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد ومن اعرض عني ناديته من قريب اقول له: اين تذهب؟ الك رب سواي؟الحسنة عندي بعشر امثالها وازيد والسيئة عندي بمثلها واعفووعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرت لهم

About Me

My photo
مشروع طبيب أحب الحرية جدا واحب الحب وأكره الظلم والنفاق أتمنى أن أرى بلادنا اسمها في السماء و احبكم

لمـــــــــــــــــــاذا دكتـــــــــــــور حر ؟

دكتور لأني طبيب
وحر لأني أؤمن بالحرية وأعشقها وأحلم بها تعم بلادي وكل الدنيا

أكتب هنا في مدونتي أشياء مني تعلمتها وشهدتها أو أصوغها كما رأيتها
خير من أن تظل الفكرة حبيسة الجمجمة
وكما قيل فإن الفكرة طائر وصيدها كتابتها
ولأجعلها ميراثا مكتوبا لمن بعدي
والله المعين

    دكتور حر على الفيس بوك

    القرآن بصوت والدي رحمه الله

    father small

    اخترنا لك


Recent Comments