المسامح كريم
سلاماتي
لست هنا بصدد الحديث عن الاعتذار
وعن النفوس الكبيرة التي تعتذر إذا أخطأت وتنزل على رأي غيرها إذا تطلب الأمر ذلك
لكن سنتعايش مع قبول الاعتذار
والذي هو الباب الرئيسي للتعود على الاعتذار
فقد نواجه في نفوسنا وفي سلوكنا أنفا عن قبول أسف أحد
ونخرج بالجملة الشهيرة ((وأصرفها منين دي؟؟)) للأسف
فقد تجد أحد قد أخطأ في موقف رغما عنه بأن صدم أحد أثناء سيره أو دهس إصبعه بقدمه أو احتك فيه بسيارته بشكل بسيط أو غير ذلك من المواقف الطبيعية
ثم يأتي من نسميه مخطئاً ليعتذر
قد يقابل من في مستوى أخلاقه ليقبل بذلك
وقد يقابل من هو دون المستوى ذلك بأفعال أيضا دون أخلاقه
وقد تجد موظفا في عمله أو طالبا في جامعة أو عاملا في مصنع تأخر لظرف ما أو لأي سبب ودخل بالعذر الصادق
إلا أنه قد يصدم بمن لا يتقبل منه ذلك
وقد يضطر بعدها لاصطناع الأعذار أو الكذب أو غير ذلك
ومن أكبر الحالات التي نراها ونعيشها في حياتنا هو قبول الأعذار داخل البيوت والمنازل
بين الأب والابن
وبين الأم وأولادها
وبين الرجل وزوجته
وكلهم معرضون لأحد المواقف هذه قد لا نكون مبالغين إن قلنا يوميا
مع أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم قوي في هذا الأمر حين قال فيما رواه أبو هريرة عنه :
"من أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه، محقا كان أو مبطلا، فإن لم يفعل لم يرد علي الحوض".
فالأمر خلق وسلوك كبير حقا
وضياعه ضياع لنفوس مرتاحة ومجتمع حبوب وقويم
قد يعتبر الإنسان نفسه في حالة قبول الاعتذار من تلبيس الشيطان عليه
أن فلاناً قد انتهز طيبته بالاعتذار أو ما يسمى ((بالأرطسه)) أو أنه قد تنازل عن كبريائه وعن عزته حين قبل اعتذار الآخر
مع أننا كلنا نحب أن يعاملنا الله سبحانه وتعالى بهذا الخلق
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22} النور
فلنعد إلى نفوسنا العالية وأخلاقنا السامية
ولنعود أنفسنا على قبول الأعذار حتى نحبب أنفسنا وغيرنا في الصدق
وفي الصراحة
وفي الوضوح
ولنكون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين
ولنطمع في عفو الله عنا بعفونا ومسامحتنا عما أقترفه غيرنا في حقنا
ليسامحنا الله ففي حديث عن الحسن يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم
إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فيقوم مناد من عند الله، فيقول: ليقومن من له على الله يد، فلا يقوم إلا من عفا.
اللهم عودنا وعلمنا ما ينفعنا ويؤهلنا لجنتك يا أكرم الأكرمين
Recent Comments