انتماءك - ولاءك..طبعا مهم ........بس لمين بالضبط










نسمع كثيرا عن الإنتماء وضرورة أن يكون لدى الفرد انتماء وخصوصا للوطن وللدين وللبيت وللذات وأحياناً نسمع عن قتل الانتماء وعن بعض التصرفات التي تصدر من جهة ما تؤدي إلى إضعاف الشعور بالانتماء فإيه الحكاية بالضبط ...وأتحدث الآن عن الانتماء للوطن ..وهو الأمر الذي شابه الكثير من المغالطات خصوصا في مصر .





فإن حب الأوطان من الإيمان كما علمنا ديننا الحنيف من قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "والله يا مكه إنك لأحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " وهو شيء لا بد منه لقيام الأمم والحضارات فلولا تلك القيمة لأصبحت الحياة كالغابة ينهشها ساكنوها حتى إذا ما جعلوها جرداء تركوها وبحثوا عن غيرها وهكذا .





لكن الشيء الغريب هو ما يقصد به الإنتماء في مصر فأيام السادات الله يرحمه كان يقول "أنا مصر" ... "عيب انت بتكلم مصر" لا تعارض بين رمزية رئيس الدوله لكن اختزالها في شخصه وتحميل كل التناصحات واللوم والحوارات إلى تحويل شخص الرئيس إلى قيمة لا ينبغي تجاوزها ..أو حينما نسمع الآن عن مصر مبارك, أو حرمة ذكر رئيس الدوله بسوء ,أو ذلك المتصل الحارق للدم الذي اتصل في أحد البرامج الفضائية الشهيره وانتقد مجموعة من الطلاب في جامعة القاهره أصرت على التمسك بحقها وأقسمت بالله على ذلك وأنها لن تتنازل عن نيل حقوقها المشروعة في الجامعة ..وصفها ذلك المتصل الواعي جداً بأنها مجموعة اتعملها غسيل مخ ضد الوطن وأفقدت الانتماء مطلقا .





عجبي ... يا سادة أليس الأولى أن تكون هذه المجموعة هي الأكثر ولاءً وانتماء للوطن لأنها حرصت على مبدأ عدم إهدار الحقوق وتكافؤ الفرص وعدم السكوت على الظلم والإيجابية ... أليس من الأجدر أن تتم محاسبة الرؤساء ومتابعتهم من أجل مصر ... كان الفاروق عمر ومن قبله أبوبكر يحرصون على سماع انتقادات الناس لهم ويقول الصديق في خطبته الشهيره





" وإن رأيتموني على عوج فقوموني" وكلمات الفاروق الخالدة للرجل الذي قال له " وأن اعوججت قومناك بسيوفنا " ..لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها .. هل سمعنا أن الفاروق يوماً اتهم مخالفيه بالرده وعدم الانتماء مثلا أو عاقبهم بالحبس أو العزل أو التمييز ... اللهم لا





نريد أن نصحح مفهوم الانتماء وأن يكون ما يترتب عليه هو الدليل على حب الوطن حبا حفيفياً وتحمل الصعاب والعذاب والإضطهاد من أجله لأن أن نداهن الحكام ونسرق البلاد وننهب العباد ثم نكون بعده نحن المنتمون المخلصون الوفيون لهذا البلد





نريد وقفه يا سادة ............

posted under | 1 Comments

ملف عن تجربة الاسلاميين في تركيا 8


حزب العدالة والتنمية في تركيا رؤية من الداخل


بقلم : مصطفى محمد الطحان
soutahhan@hotmail.com

تحظى تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا..باهتمام الأوساط السياسية في منطقة الشرق الأوسط.. وربما في العالم الغربي كذلك.
وأكثر المهتمين بالأمر الأوساط الإسلامية التي تحرص أن تقول أن هذا الحزب..هو تجربة إسلامية جديدة.. بوجوه جديدة..ومنطلقات وأفكار جديدة..تعمل على التوفيق بين الديمقراطية والإسلام..وتحسم صراع الهوية بين الإسلامية والأوروبية.. وتصالح بين ألوان الطيف السياسي في تركيا فتستقطب المزيد من أصوات الإسلاميين والعلمانيين اليمينيين واليساريين..وتتفاهم مع الجميع عربياً وأمريكياً وإسرائيلياً..
وكنت كتبت مقالاً واحداً حول هذه التجربة..لم يفهم منه القراء كل ما أردت..والحقيقة أني لم أرغب أن أخوض في التفاصيل..أو أن أضع النقاط الساخنة فوق الحروف..مستفيداً من علاقاتي الشخصية مع كل هؤلاء الذين قادوا تلك التجارب السابقة واللاحقة.. واكتفيت بالقول: أن هؤلاء الشباب الذين أصبحوا حكاماً في بلد مهم مثل تركيا.. يتمتعون بالكفاءة والذكاء..ويخوضون معركة شرسة مع القوى الداخلية والخارجية..سيستسلمون لها في آخر المطاف..أو سيصححون مساراتهم.
والأمر الذي دفعني للكتابة مرة ثانية..هو كثرة الكتابات التي بدأت تحلل الحدث..ويدفعها الخيال إلي استنتاجات في غاية الغرابة..
وقبل أن ابدأ .. أحب أن أسأل هؤلاء.. الذين وضعوا كل المحاسن في أشخاص الحزب الجديد..ماذا تركتم لأنفسكم لتقولوه في حال فشل هؤلاء..أو حدوث انشقاق كبير آخر في أوساطهم.. أو إزاء اتخاذهم مواقف يصعب تفسيرها أو قبولها أو الدفاع عنها؟
الإنسان بطبعه يثني على الناجحين ولا يرى إلا تفوقهم.. ومن طبعه أيضاً أنه لا يرى أي فضيلة لمن سقط..ينسى جميع فضائله..وينسبها لغيره.
ولكن.. هل هذه هي سمة المحللين السياسيين المنصفين؟!
مواقف سياسية
1- وحتى نضع الحدث في سياقه الصحيح.. نحتاج أن نستعرض الأوضاع منذ سقوط السلطان عبد الحميد (رحمه الله)..وانتقال الحكم من قائد الجامعة الإسلامية إلى حزب الإتحاد والترقي القومي الطوراني الذي حكم البلاد وأدخل الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وفي ظل محاصرة الخليفة في قصره..وتمكن الانقلاب بقيادة مصطفي كمال تساعده قوات الاحتلال(اليونان وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا).. وسحق القوى الإسلامية التي تدعم الخليفة.. وتنفيذ مقررات مؤتمر كامبل الذي عقد في لندن عام 1905 بضرورة إسقاط الخلافة الإسلامية.. فقد تم عقد مؤتمر لوزان عام 1923 والذي أسفر رسمياً(وبقرار غربي وتوقيع تركي) بإنهاء دور الإسلام في تركيا.. وتحويل البلد إلي بلد أوروبي الشكل والمضمون.. وحكم مصطفى كمال وزميله عصمت أنينو من خلال حزب الشعب حتى عام1945.. وكانت مهمته الرئيسية تثبيت دعائم ومبادىء وشروط معاهدة لوزان.
2- وحكم عدنان مندريس الذي أسس الحزب الديمقراطي حتى عام 1960..وهو لا يختلف سلوكاً ولا سياسة عن الذين سبقوه..كل ما في الأمر أنه أعطى للمسلمين بعض الحريات الدينية.. وهي حريات متفق عليها بين القوة الأولى (وهي الجيش الحاكم الضامن لمبادئ لوزان) ومجلس الوزراء..ولقد تناول المحللون هذه النقطة فقالوا:إن الوضع المضغوط يحتاج إلي شيء من التنفيس بين الحين والحين حتى لا تتحول النقمة المكبوتة إلى ثورة شعبية يصعب استيعابها.
3- وبعد التنفيس يجري رصد التجربة وقياس المعارضة..ولقد امتدت فترة الرصد بعد انقلاب عام 1960 عشر سنوات كاملة.. حاول الإسلاميون ترشيح علي فؤاد باشكيل رئيساً للجمهورية؛حتى إذا أمّنوا له الأغلبية في البرلمان..جاء الأمر من السلطة الأعلى فانتخب غيره..هذه الفترة استفاد منها المسلمون استفادة كبيرة..نمت فيها حركة الترجمة, وتصاعد فيها العمل الطلابي MTTB,ونمت حركة المساجد,وبدأت الصحف الإسلامية تطل علي الجمهور..ولقد عشت هذه المرحلة بكل كياني وانفعلت فيها..وكان لنا دور لا بأس به في العمل الطلابي وحركة الترجمة..وفي نهاية هذه المرحلة أسس اربكان حزب النظام الوطني عام 1970.
4- ولا بأس من استطراد بسيط نفهم حركة نجم الدين أربكان واستراتيجية المعارضة الإسلامية في تلك المرحلة..
إن سقوط الدولة الإسلامية منذ إسقاط السلطان عبد الحميد وحتى عام 1924 تاريخ إسقاط الخلافة بشكل رسمي..لم يمر بسلام.. فقد ثار الشعب في الأناضول.. وسقط منه حوالي ربع مليون شهيد..وصنفت الدولة التركية الحركة النقشبندية الصوفية بأنها المعارض الأهم للنظام العلماني..كانت المعارضة الإسلامية تدعم مندريس وتعرف سلبياته.. واستفادت إلي أقصى حد من الفترة التي تلت سقوطه.. وفي عام 1970 قرر جناحا المعارضة الإسلامية: الحركة النقشبندية بزعامة الشيخ محمد زاهد كتكو، والحركة النورسية التي أنشأها المجاهد سعيد النورسي، إنشاء حزب النظام الوطني، فالوقت قد حان في رأيهم لتصعيد الموقف والتقدم خطوة إلى الأمام.
وبعد 9 اشهر لم يتحمل( الضباط الضامنون لمعاهدة لوزان) طريقة الحزب الجديد في العمل.. فقدم الجيش بقيادة الجنرال محسن باتور إنذاراً بحل الحزب في 21 آذار(مارس) 1971 وتولت المحكمة الدستورية تنفيذ الإنذار.
5- واستمر تحالف الجماعتين الإسلاميتين وشكلا عام 1972 حزب السلامة الوطني الذي خاض الانتخابات وحصل علي خمسين مقعداً من مقاعد البرلمان.. وشكل أول حكومة إئتلافية مع حزب الشعب الجمهوري بزعامة بولنت أجاويد.. وهذا التحالف الذي كان سبباً في انفصال الشريكين النورسيين والنقشبنديين, هو من أعظم المكاسب التي استفادت منها الحركة الإسلامية على إمتداد ثلث قرن، فقد شهد البروتوكول الموقع بين الحزبين, تراجع حزب الشعب الذي وقع معاهدة لوزان عن بعض شروطها.. مثل:
· الاعتراف بالإسلام السياسي والإئتلاف مع الحزب الذي يمثله.
· تقرير تدريس مادة(الأخلاق) أي الدين الإسلامي في المدارس الحكومية.
· إمكانية أن يلتحق خريجو المدارس الدينية بكل الكليات الجامعية في البلاد.. بما فيها كلية الشرطة..وكانوا من قبل لا يستطيعوا دخول أية كلية باستثناء كلية الشريعة.
· تسلم حزب السلامة الوطني وزارة الداخلية التي تلعب دوراً هاماً في حياة الدول، بالإضافة إلي سبعة وزارات أخرى ومنصب نائب رئيس الوزراء.
· اتفقوا على إخراج مساجين الرأي, ودعم الحريات العامة, وحرية الصحافة..
هذه الشروط لا يستطيع إبرامها إلا رجل ذكي محنك مثل نجم الدين أربكان..
6- لقد استفادت الحركة الإسلامية من هذه الحكومة أكثر مما توقعت قيادات العسكر.. فالوزراء الثمانية وشخصية أربكان تمكنت من صبغ الحكومة كلها بالصبغة الوطنية الإسلامية.. إلى درجة إسقاط وزير الخارجية تحت شعار أنه يحامي عن إسرائيل في احتلالها للقدس. الأمر الذي أدي إلي إنهاء الائتلاف.
كما أن بعض الأحزاب اليمينية مثل حزب العدالة بزعامة سليمان ديميرال..تمكن من إقناع النورسيين بفض تحالفهم مع النقشبنديين.. وعادوا إلي طريقتهم في التحالف مع الأحزاب مقابل بعض المكاسب.. وفي الانتخابات البرلمانية التالية كان النورسيون هم رأس الحربة التي حورب بها حزب السلامة..وشنّ هؤلاء الأتقياء ورثة الزعيم الإسلامي الكبير بديع الزمان سعيد النورسي، حملات الكذب والافتراءات ضد الحزب الذي ساهموا في تشكيله..كانت النقطة الرئيسية التي ركزوا عليها واعتبروها من أخطاء نجم الدين أربكان تحالفه مع حزب الشعب.. ومع ذلك فقد انتهى بهم المطاف (بعد عشرين سنة) إلى التحالف مع حزب الشعب ذاته بزعامة أجاويد وإعطائه أصواتهم مقابل مكاسب تافهة.
7- في عملية التقييم التي أجرتها القوى التي وكلت بحراسة أهداف لوزان.. قررت المسارعة بإجهاض دور حزب السلامة فقد تجاوز (في رأيهم الحد).. فقام انقلاب عام1980 بقيادة رئيس أركان الجيش كنعان افرين(1). وأعاد الانقلابيون الأمور إلى المربع الأول .. وزج بالقيادات الإسلامية في السجون.. وأحدث الانقلابيون ما يسمى بمجلس الأمن القومي.. أصبح الجيش بموجبه يتولى مباشرة تصحيح الأمور( من وجهة نظره).. واليوم مجلس الأمن القومي الذي جعلوه مؤسسة دستورية هو الذي يتولى مراقبة الأوضاع السياسية شهريا عن طريق اجتماع أركانه.
8- الحدث المهم الذي وقع في أعقاب انقلاب سبتمبر 1980.. هو تعيين تورغوت أوزال..(وكان أحد شخصيات حزب السلامة,فقد ترشح عن الحزب في منطقة أزمير).. مستشاراً للإنقلابيين.. وكانت وظيفته الأولى هي الترويج للانقلاب والتهجم علي حزب السلامة. فقد أدركوا أن إسلامياً فقط.. يستطيع أن يجهض هذه الصحوة الإسلامية الكبرى.
زار اوزال البلاد العربية واتصل بالشخصيات الإسلامية.. وزار مراكز التأثير الإسلامية في تركيا لإقناعهم بفكرة تشكيل حزب بديل..وحاول إقناعهم بأن أربكان (وكان لا يزال في السجن)غير مقبول لدى العسكر(والأفضل أن نتجاوز المرحلة بتغيير الوجوه)..واستطاع تورغوت أوزال بمؤازرة أخوه كوركوت أوزال ( الذي كان من دعائم حزب السلامة) أن يستقطب أعداداً كبيرة من شعبية السلامة.. وبعد ثلاث سنوات من الانقلاب.. الذي أعاد العسكر فيه صياغة الحياة السياسية.. حلوا البرلمان.. وألغوا الأحزاب.. وأعادوا صياغة الدستور.. وأوجدوا مجلس الأمن القومي.. ثم أطلقوا من جديد حرية تشكيل أحزاب جديدة.... وأعادت الحركة الإسلامية تشكيل حزبها الرفاه عام 1983.
وفي الانتخابات البرلمانية فاز فيها حزب أوزال بالأغلبية الكبيرة (فكل القوى الداخلية والخارجية تؤازره).. ولم يحصل يومها حزب الرفاه إلا على (1.5%)..ولقد انتهى استغراب الناس عندما أبرق وزير الخارجية الأمريكي الجنرال هيج إلى أوزال مهنئاً بالفوز الكبير واصفاً إياه برئيس الوزراء.. وبعـد هـذه البرقية وافـــق العسكر على تعيين أوزال رئيساً للوزراء.وبقي أوزال محلاً للتنازع بين الإسلاميين، حتى انتشر فساده وفساد أسرته الأخلاقي والمالي.. وبعد أن جمع حوله الطبقة السياسية المتعفنة، وأسقـط تــركيا في حفرة الديون التي كانت في حدود الـ 30 مليار فتضاعفت أضعافاَ كثيرة بفضل سياسته المنفتحة على الأمريكان وصندوق النقد الدولي ..
9- بدأت مسيرة الرفاه بـ1،5% (هم رجال الدعوة الأوائل الذين شكلوا جميع الأحزاب الإسلامية، النظام والسلامة والرفاه) ثم ارتفع الرقم إلى 6،5% ثم إلى 21،3% وذلك بفضل الإصرار الذي لا يعرف الهزيمة .. والإيمان الذي لا يدركه ضعف .. الذي يتميز به نجم الدين أربكان.
وحتى عندما أصبح الرفاه الحزب الأول في البرلمان .. رفضوا إشراكه في السلطة .. شكلوا في البداية حكومة أقلية من أحزاب فاسدة .. اختلفت على الفساد واقتسام الحصص.. مما اضطر رئيس الجمهورية أن يكلف رئيس حزب الرفاه نجم الدين أربكان بتشكيل الوزارة..
وقبل أن يتسلم أربكان منصب رئيس الوزراء، وأن يشكل حكومته الاتلافية، ذهب إلى البرلمان .. وعلى طريقة الأساتذة .. شرح خطته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبرلمانيين .. موضحاَ كلامه بالخرائط والخطوط البيانية .. وقال كلمته المشهورة : طبقوا هذا من أجل تركيا .. أو اتركونا نطبقها نحن.
وعندما أصبح العسكر أمام مأزق الفساد .. وضغط البرلمان.. وضغط الشعب الذي يطالب بحكومة نظيفة.. عندها، اضطروا إلى تكليف أربكان بتشكيل الوزارة ضمن القيود التالية :
· تسليم جميع الوزارات السيادية إلى حزب الأقلية.
· كل قرار من مجلس الوزراء يجب أن يوقع عليه رئيس الوزراء ونائبه..
كانت خطة أربكان (في هذه الشروط الصعية) أن تنجح الحكومة بإيجاد وسائل غير تقليدية لخدمة البلد.. نجاحاً يغير من عقلية العسكر.. ويزيد من تعلق الشعب بها.. ولكن رهانه لم تتح له المدة الكافية أن ينجح..
باعتراف جميع الساسة اليمينيين واليساريين .. والمعلقين الصحفيين.. والقائمين على أمر البورصة..إن عهد أربكان الذي لم يستمر أكثر من سنة واحدة هو عهد الازدهار الأفضل الذي مرٌ على تركيا منذ تأسيس الجمهورية..
لا يسمح مقالنا هذا أن نقول ماذا فعلت حكومة الرفاه .. وكيف نجحت.. وقد نكتب مقالاَ آخر عن هذه الإنجازات.. والذي يهمنا هنا, هو ما بعد هذه المرحلة..
10- كيف أنتهت حكومة أربكان.. ودور أطراف المؤامرة في إسقاطها..؟
· عندما قبل الجيش أن يشكل أربكان الحكومة.. كان يطمح أن يسجل أربكان بيده إنهاء التجربة السياسية الإسلامية..وأربكان براغماتي من الطراز الأول.. ولكنه لا يساوم على المبادئ..
· منذ الأيام الأولى لتسلمه السلطة..أعلن أربكان عدة قضايا اقتصادية(والاقتصاد أكثر ما يشغل بال الأتراك..فالمادية استقرت في نفوسهم) منها إيقاف الاقتراض من الداخل والخارج..تسديد أكبر قسط من الدين الداخلي الذي كان يرهق الاقتصاد.. رفع رواتب جميع الموظفين والجيش والمتقاعدين بنسبة تتراوح بين 50 – 70 %.
ومنها إيقاف الفساد وتوفير 30 مليار دولار من إيقافه.
ومنها إيقاف الضرائب لأي سبب كان..
هذه الإجراءات جعلت الجميع (رجال المال ورجال الإقتصاد والبورصة والموظف والعامل) يشيد بتجربة أربكان الاقتصادية.
·ومنذ الأيام الأولى لحكومة أربكان..وضع شعار حزبه (تركيا جديدة..وعالم جديد) موضع التنفيذ.. كان يريد إنقاذ تركيا من كونها دولة بلا هوية..يستخدمها الغرب لقضاء مصالحه..إلى دولة تفهم دورها..وتتمسك بهويتها وتاريخها وأصالتها..فأعلن عن تشكيل المجموعة الثمانية الاقتصادية..التي مهّد لها بسلسلة زيارات إلى إيران وباكستان واندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا..
وفي 15 يونيو 1997 عقد في استانبول اللقاء التأسيسي للمجموعة الاقتصادية لأكبر ثمان دول إسلامية يزيد عدد سكانها عن 800 مليون نسمة.
وبدأت الصفقات الاقتصادية..أولها مع إيران بمبلغ 30 مليار دولار..
كانت المجموعة خطوة للحوار مع الغرب..الذي ينظر للإسلام نظرة دونية وينظر للمسلمين نظرة استعلاء واستصغار.
·قبل استلام الحكومة وبعدها حوّل أربكان يوم 29 مايو من كل سنة، إلى مؤتمر إسلامي عالمي يضم قيادات العمل الإسلامي من أنحاء العالم.. يجتمعون لمناقشة أوضاع وقضايا المسلمين.. يرسل وفداً إلى أفغانستان لحلّ خلافات المجاهدين.. يستقدم قيادات العمل في باكستان يحفزهم للتدخل لحقن دماء المسلمين عند جيرانهم.. ومع الزمن أصبح هذا المؤتمر مجموعة من اللجان التربوية والسياسية والطلابية والاقتصادية والاستراتيجية وهكذا.. كان يعتبر استانبول التي كانت عاصمة للخلافة.. تستطيع اليوم أن تحلّ قضايا المسلمين!!
·ولقد سجل الأمريكان في كتاب لهم صدر بعنوان (أمريكا والإسلام السياسي).. قضية إسقاط حكومة أربكان جاء فيه:
(إن اربكان رجل منطقي.. تحاوره فيحسن الاستماع إليك.. ويحاورك فيقدم لك آراء سديدة.. ومع ذلك فقد كان لابد من التدخل لإسقاط حكومته لأسباب ثلاث:
السبب الأول- تحسينه للاقتصاد.. بدون الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبدون الاقتراض من أمريكا.. وهذه مشكلة في حسابات المستقبل.
السبب الثاني- هو إنشاء المجموعة الاقتصادية الثمانية بزعامة تركيا.. وهي خطوة نشاز بالنسبة للنظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا لاستغلال العالم لمصلحتها.
والسبب الثالث- هو أن اربكان رجل أصولي.. على صلة وثيقة مع الحركات الأصولية في المنطقة..
هذه هي الأسباب الحقيقية لتآمر القوى النافذة داخل تركيا وخارجها لإسقاط حكومة اربكان.. ومن ثم حلّ حزب الرفاه.. ومن ثم الحكم على أربكان بإبعاده عن العمل السياسي لمدة خمس سنوات..
ولم يعد كافياً إيجاد تورغوت أوزال جديد.. بل كان لابد من شق حزب الرفاه من الداخل.. واستخدموا كل أساليب الإغراء في هذه العملية.. وقبل بعضهم هذه الإغراءات ناسياً كل تاريخه ومواقفه ودينه.
11- فالأسباب الحقيقية لإسقاط حزب الرفاه وحكومة نجم الدين اربكان.. لم تكن بالتالي بسبب زيارته لليبيا أو طهران.. ولم تكن بسبب دعوته البعض لإفطار في رمضان.. كما يحلو للبعض أن يقول، بل بسبب الإنجازات الكبرى التي حققها سواء على صعيد البلديات التي رفع فيها شعار الإيمان يعني العمل لخدمة الناس.. أو على صعيد الحكومة.. أو على صعيد تثبيت الهوية.. أو على صعيد إنشاء محور اقتصادي سياسي إسلامي عالمي.. يحاور من خلاله قوى الرأسمالية العاتية(2).
12- أما الحزب الجديد، حزب العدالة والتنمية، فقبل أن نعطي رأينا في هويته، وهل هو استمرار للحركة الإسلامية التركية باستراتيجية جديدة.. أم هو تورغوت أوزال جديد؟
قبل ذلك نحب أن نذكر بعض الحقائق:
· أن زعماء الحزب الجديد قدموا تنازلات كبيرة لمؤسسات مشبوهة داخلية وخارجية عملت باستمرار على إغراق تركيا في أزمتها الاقتصادية والسياسية.
مثل توسياد (مجموعة رجال الأعمال النافذة في تركيا) والتي تقدمت بمذكرة إلى العسكر نبهت فيها من خطر الإسلام السياسي.. وكانت المذكرة بكل بنودها هي جدول
أعمال مجلس الأمن القومي الذي أطاح بحكومة اربكان.
ومثل العناصر العلمانية التي انسلخت من أحزابها لتنضم إلى الحزب الجديد.. ولتنفذ سياسة المؤسسات المشبوهة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي لم يخف ترحيبه لدعم التجربة الجديدة.
ولقد اضطرت قيادات الحزب الجديد إلى تليين مواقفها للوفاء بتعهداتها المسبقة لهذه المؤسسات.
·إن مستوى التدين العام لدى الشعب التركي قد انخفض بوضوح.. فالخطاب الاربكاني كان يركز على البعد الديني وأهميته في تعريف الهوية التركية.. أما في الحزب الجديد.. فيصرح قادته: (نحن لسنا حزباً دينياً، نحن حزب أوروبي محافظ).. ويؤكد رئيس الحزب: (إن القرآن كتاب ديني، والديمقراطية شكل للحكومة، ومن الخطأ أن نضع الاثنين ضمن تقسيم واحد).. وانتقد رئيس الحزب: (استغلال الدين وتوظيفه في السياسة)..
ومن هذا المنطلق فإنه لا يعطي لقضية مثل الحجاب الأولوية، ولا يريد أن يكون سبباً في صدام مع المؤسسة العسكرية)..
وعندما كتب الأمريكان استراتيجيتهم الجديدة، أثنوا على حزب العدالة والتنمية وقالوا: إنهم فصلوا الدين عن السياسة.
·والسؤال هل هذه الرؤية هي تخل تكتيكي مؤقت، في مواجهة مؤسسة الجيش والعلمانية، وتحايل على الواقع السياسي التركي؟ أم أن الأمر يصل إلى حدود حدوث تغييرات استراتيجية في نمط تفكير ورؤية الحزب على المدى البعيد؟ يقول اردوغان: (إن هذه هي رؤية الحزب الحقيقية، وسيلاحظ المتتبعون له صدقه في الإلتزام بهذه الشعارات). ويتابع اردوغان: لقد غيرنا موقفنا فلماذا لا تريدون أن تصدقوا؟

posted under | 0 Comments

ملف عن تجربة الاسلاميين في تركيا 7


تجربة حزب العدالة والتنمية التركي .. خطأ التعميم والقياس


بقلم
محمد سليمان مجلة العصر
منذ تأسيس حزب العدالة والتنمية قبل سنين معدودة أثارت تجربته الجدل الكبير بين السياسيين والمثقفين، ونالت النصيب الوافر من الاهتمام الإعلامي ليس على صعيد الحياة السياسية التركية فحسب، بل على مستوى العالم العربي والغربي على السواء. ويعود هذا الاهتمام الكبير بتجربة الحزب لجملة من الأسباب الرئيسة أبرزها أن الحزب قد أعاد هيكلة شعاراته وأفكاره بشكل بنيوي متخليا عن اللافتة الإسلامية، إذ صنّف قادة الحزب هويته الفكرية والسياسية بأنه من تيار يمين الوسط على غرار الأحزاب الأوروبية المحافظة. وساهمت الظروف الدولية التي التقطها قادة الحزب بذكاء شديد في وجود إرادة دولية بضرورة فتح المجال للحزب في الوصول إلى الحكم، وعدم وأدها من قبل العسكر، الأمر الذي اعتبر بمثابة الفرصة لاختبار إمكانية التعايش والتوافق بين أحزاب إسلامية [ معتدلة ] وبين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، من خلال شروط معينة تلتزم بها هذه الأحزاب في توجهاتها الفكرية والسياسية . خاصة بعد أحداث أيلول وإعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب وبالتحديد حركات الإسلام الجهادي ، الأمر الذي استثمره قادة الحزب إلى أبعد مدى من خلال تسويق أنفسهم كمسلمين معتدلين يمكن أن يشكلوا نموذجا معتدلا يجسر الفجوة بين الإسلام والغرب ، ويعمل على تصحيح الصور النمطية المتبادلة بين الطرفين . ولم يمض وقت طويل على الانتصار الانتخابي الساحق الذي حققه الحزب وتشكيله لحكومته، حتى بدأت كثير من الدعوات في العالم الغربي والإسلامي التي تطالب بتعميم تجربة حزب العدالة كنموذج لـ"الاعتدال" في الإسلام، والذي يمتلك مقومات وشروط الحوار بل والتعايش الفعال مع الغرب بشكل عام والولايات المتحدة على وجه الخصوص، في حين تجاسر عدد كبير من الكتاب والمثقفين على إطلاق مصطلح "العلمانية المؤمنة" على أيدلوجيا الحزب وتوجهاته السياسية، وبدأ هذا الحزب يأخذ بعدا جديدا في الجدل الدائر في العالم العربي والإسلامي، خاصة الجدل بين التيارات الإسلامية والعلمانية المختلفة.ففي الساحة الإيرانية – على سبيل المثال – رحب الإصلاحيون بتجربة العدالة والتنمية واعتبروها نموذجا للأيدلوجيا المطلوبة، وللإسلام العصري المتقدم الذي يساير العصر ولا يتصادم معه، وتشكل المنطقة الوسطى المطلوبة في حوار الإسلام والعلمانية، وهي التجربة التي يجب أن تستفيد منها إيران كي تخرج من الأزمات السياسية والاقتصادية والفكرية الكبرى التي تعيش فيها اليوم.أمّا الأحزاب والمثقفون الإسلاميون في العالم العربي فقد انقسموا إلى اتجاهين رئيسين في قراءة التجربة: الاتجاه الأول "المعارض"، رأى أنّ حزب العدالة والتنمية قد تحول من حزب إسلامي إلى حزب علماني وأنه قد تخلى عن جوهر المنظومة الفكرية والسياسية الإسلامية من خلال تخليه نهائيا عن الشعار الإسلامي وقبوله الكامل بالرؤية السياسية والاقتصادية الليبرالية الغربية (التي تتضح من البرنامج الانتخابي للحزب ومن تصريحات قياداته)، وهو بذلك قد تجاوز نهائيا المنطقة الفاصلة بين العلمانية والإسلام، وهنا يُطرح السؤال في تحديد الفواصل الرئيسة بين الاستراتيجي والتكتيكي في تجربة الحزب؟! وكيف يمكن فك الاشتباك بين الأمرين. خاصة أن الحزب قد قبل بكثير من المحرمات السياسية عند الأحزاب الإسلامية، فهو قد أعلن تأييده لمسيرة السلام العربية – الإسرائيلية التي تعارضها مختلف الأحزاب والقوى الإسلامية، كما أنه أقر بالعلمانية ليس فقط على مستوى الشعارات، وإنما على مستوى البرامج والأفكار أيضا، ناهيك عن أنّ الحزب قد أدار ظهره للعالم الإسلامي وأعلن بأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على رأس أولوياته، وفوق هذا وذاك فقد استجاب الحزب لبرامج صندوق النقد الدولي بالكامل وهي البرامج التي تتخذ أغلب الحركات الإسلامية منها موقفا رافضا مشككا. أمّا الاتجاه الآخر فهو الاتجاه المؤيد لتجربة الحزب، والذي رأى فيها تجربة براغماتية بامتياز، وتتسم بالعملية، والابتعاد عن الجمود على الشعارات والمواقف السياسية والانتقال إلى مرحلة السياسة الشرعية المبنية على المصلحة السياسية والوطنية، وأن الحزب يقدم نموذجا متميزا لإمكانية التعايش بين الإسلام وروح العصر وإمكانية انخراط الأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية بشكل عملي وتقديمها لرؤى واقعية تستند إلى لغة الأرقام والمعلومات. ولم ير هذا الاتجاه أن حزب العدالة والتنمية قد تخلى عن هويته الإسلامية وإنما استطاع تحويل قواعد الصراع مع العسكر التركي المتشدد ضد الدين والحامي العتيد للعلمانية التركية المتطرفة، التي أقامها مصطفى كمال أتاتورك، واستطاعوا من خلال توجههم الجديد الخروج من الحلقة المفرغة في خبرة الأحزاب الإسلامية التركية مع العسكر، والتي كانت تنتهي دوما بالانقلاب على الأحزاب الإسلامية وإخراجهم من اللعبة السياسية بل ومصادرة كل المكتسبات التي حققتها هذه الأحزاب. كما أنّ تجربة القادة الشباب الجدد وهم تلاميذ أربكان هي إكمال الطريق الذي بدأه أربكان لكنه لم يكمله ووقف عند منتصف الطريق بين البراغماتية والأيدلوجيا عالقا بين الخيارين . والمشكلة -في رأيي- أن الاتجاهين السابقين وقفا عند حدود القراءة العامة لتجربة الحزب دون التعمق في الشروط الموضوعية والذاتية التي أحاطت بها، التي ساهمت في إخراجها بالصورة التي هي عليها الآن، وبالضرورة فإن الظروف في الدول والمجتمعات الأخرى مختلفة في كثير من الجوانب عن التجربة التركية، وبالتالي إنّ عملية تعميم التجربة أو الحكم العام عليها عملية غير مستقيمة منهجيا وتفتقر إلى الموضوعية العلمية. ويرتبط بالاعتراض السابق اعتراض آحر وهو أن كلا الاتجاهين قد حصرا الخيارات في هوية الحزب الفكرية والسياسية بين احتمالين: الاحتمال الأول والقائم على أنّ قادة حزب العدالة والتنمية قد تخلوا فجأة وبتواطؤ كبير عن الخيار الإسلامي واتفقوا على الخيار العلماني الليبرالي، وقد تنكبوا عن خط الحركات الإسلامية واتجهوا إلى الغرب يستوردون بضاعته الفكرية والسياسية، وهو احتمال يبدو ضعيفا للغاية بالنظر إلى العمر الزمني لقادة الحزب الجدد وهم في أغلبهم من الشباب المثقف المتعلم، وأيضا بالنظر إلى تاريخهم القريب، والذي يؤكد على تمسكهم بالإسلام، ومن الصعوبة بمكان تصور حدوث قرار مفاجئ لدى قادة العدالة والتنمية - والذين كانوا بمثابة جزء رئيس من الصف الأول والثاني والثالث من قادة حزب الرفاه والفضيلة الإسلاميين – بالتخلي عن الهوية الإسلامية ، وأن يتواطئوا جميعا على ذلك!.أما الاحتمال الآخر فهو أن الحزب ما زال يتمسك بالهوية الإسلامية وبالشعارات التقليدية للحركات الإسلامية، وأن كل ما حصل في عملية "إعادة الهيكلة الفكرية والسياسية" ما هو إلا تكتيك في إطار اللعبة السياسية الداخلية، وهذا الاحتمال يصطدم كذلك بكثير من الحقائق أبرزها البرنامج الانتخابي للحزب وتصريحات قادته ومؤتمراتهم الصحفية، بل وتأكيدهم أن الخيار الفكري والسياسي الحالي هو خيار استراتيجي لا رجعة عنه، وأنه تم بعد تفكير طويل وعميق من قبل مؤسسي الحزب. من هنا فإن هناك احتمالا ثالثا يبدو أقرب إلى الموضوعية في قراءة تجربة الحزب، ويبتعد بنا عن دائرة الجدل والاختلاف في الفواصل بين التكتيكي والاستراتيجي بين الردة السياسية والفكرية وبين البراغماتية العملية، ويقوم هذا الاحتمال على حصول تطور في تصورات قادة ومؤسسي الحزب أدى بهم بشكل طبيعي ومنطقي إلى هذه التوجهات الفكرية والسياسية ، وقد نبع جزء كبير من هذا التطور من عدة أمور أهمها رحم الخبرة التركية المعاصرة التي وضعت إطار الصراع - بين العلمانية والعسكر من جهة وبين المجتمع وهويته الإسلامية من جهة أخرى - محددا عاما لأفاق التجربة السياسية التركية . الأمر الثاني حالة العجز التي تنتاب الخطاب السياسي الإسلامي في كثير من الميادين وعدم قدرته على تقديم البدائل العملية المناسبة والتي تستند إلى الدراسات المعرفية بعيدا عن لغة الشعارات ، ومن الواضح من برنامج الحزب أنه يحمل رؤية سياسية واقتصادية عملية اجتهادية ، يغلب عليها الطابع الليبرالي نعم وإن كان هناك استدراكات عليه في البعد الاجتماعي ، بما يجعل أفكار الحزب أقرب إلى الليبرالية الأوروبية المعتدلة [ الرفاه الاجتماعي ] من الليبرالية الأمريكية المحضة . الأمر الثالث قد تكون هذه بالفعل رؤية الحزب للخيارات والبدائل للمشكلات الكبرى التي تعصف بتركيا ، والحزب أولا وأخيرا لم يطرح رؤى فكرية للحل الإسلامي الحضاري العام – ولم يزعم ذلك - وإنما طرح رؤية اجتهادية سياسية لمشكلات الواقع التركي وكيفية الخروج منها. فهو إن رأى أن الحل للأزمة الاقتصادية هو اللجوء إلى المؤسسات الدولية ومشاريع الخصخصة والهيكلة العامة للاقتصاد فإن هذه الرؤية لا تصلح بالضرورة لدول عربية أخرى . الاحتمال الثالث يضعنا أمام ملحوظة رئيسة وهي ضرورة قراءة تجربة العدالة والتنمية في إطار شروطها الموضوعية والذاتية، وعدم فصلها عن تلك الظروف، وبالتالي ينقلنا من الجدل في إمكانية تعميم أو استنساخ هذه التجربة في العالم العربي إلى محاولة استكشاف المجالات والفوائد التي يمكن الخروج فيها من تجربة الحزب القصيرة نسبيا إلى الآن.وأزعم في هذا السياق أن تجربة العدالة والتنمية على الرغم من قصر عمرها النسبي مليئة بالمجالات التي يمكن أن ترفد الحركات والقوى الإسلامية بالدروس اللازمة والمفيدة، التي يمكن أن تفيد منها هذه الحركات لتتجاوز حالة الجمود وربما الانتكاسات بسبب عجزها عن مواجهة التحولات والتطورات المختلفة التي تحيط بها.

posted under | 0 Comments

ملف عن تجربة الإسلاميين في تركيا 6



الحركات الإسلامية وخصوصيات تجاربها في المشاركة السياسية
... عمر كوش ... الحياة



تختلف مشاركة الحركات الإسلامية في الحياة السياسية في البلدان العربية من بلد إلى آخر، كما تختلف طبيعة المشاركة وكيفيتها وحجمها. ويجمع كتاب «الإسلاميون والحكم في البلاد العربية وتركيا» أبحاث وأوراق الندوة الفكرية الأولى التي نظمها في جامعة القاضي عياض في مدينة مراكش المغربية يومي 16 و17 حزيران (يونيو) 2006 مركز الدراسات الدستورية والسياسية، وشارك فيها عدد من الأساتذة والباحثين والمهتمين بظاهرة الحركات الإسلامية في العالم العربي وتركيا.وترتكز أبحاث الكتاب إلى أسئلة كبرى، سعى الباحثون إلى دارستها والإجابة عليها، وتمحورت حول الأسس النظرية للمشاركة ومقاصدها السياسية، والكيفية التي تتصورها الحركات الإسلامية في علاقاتها مع الفاعلين السياسيين الذين يختلفون معها في المرجعية السياسية، وماهية حصيلة أداء الحركات التي توافرت لها شروط المشاركة من داخل البرلمان، أو من موقع المسؤولية الحكومية، وماهية العقبات وطبيعتها التي حالت دون إدراكها مقصد لها، وكيفية بناء نموذج عقلاني للمشاركة، يسعف الحركات الإسلامية في أن تصبح طرفاً فاعلاً في الحياة السياسية، يجنبها الإقصاء الذاتي والموضوعي حسب ما يذهب إليه الدكتور محمد المالكي.وعلى خلفية هذه الأسئلة، حاول عبد السلام الطويل قراءة المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية المغربي، من خلال دراسة في المفاهيم الحاكمة للمشاركة السياسية، وتحديد حصيلة الأداء السياسي لـ «حزب العدالة والتنمية»، وبحث في موقف «حركة التوحيد والإصلاح»، من جملة القضايا المؤطرة لعملية المشاركة السياسية، كالموقف من الديموقراطية، والإصلاح الدستوري، والعلمانية أو العلاقة بين الدين والسياسة، ثم تتبع مسار المشاركة السياسية للإسلاميين المغاربة وأثر ذلك في المفاهيم التي يتبناها الحزب، من خلال عرض حصيلة العمل التشريعي والرقابي لحزب العدالة والتنمية.وقدم أحميدة النيفر قراءة في «تجربة حركة مجتمع السلم الجزائرية»، حيث عالج المحددات الفكرية والتنظيمية التي تمكّن من فهم التوجس الذي عبر عنه بعض المتخوفين من صدقية ما يرفعه الإسلاميون الراغبون في العمل الإسلامي والانخراط في اللعبة السياسية. وفي السياق ذاته ركّز الزبير عروس على أهم محطات المشاركة السياسية للإسلاميين الجزائريين، وتوقف عندما يعانيه التيار الإخواني في الجزائر من انقسامات تنظيمية، على رغم المصدر المعرفي الحركي الواحد والهدف المشترك. أما أعلية العلاني فاهتم بتأريخ ظهور الحركة الإسلامية وتطورها في تونس، مع التوقف عند تطور موقفها من المشاركة السياسية، وإظهار الظروف الذاتية والموضوعية التي دفعت حركة الاتجاه الإسلامي، «حركة النهضة حالياً، إلى المرواحة بين خيار المشاركة وبين إكراهات المواجهة مع النظام الحاكم.وأشار مصطفى عمر التير إلى أهمية الرجوع الى التاريخ في كل عملية تروم الفهم الواقعي للحركات الدينية، مرجعاً نشأة الحركة الدينية في ليبيا إلى القرن 19 من خلال ظهور السنوسية التي وجهت نشاطها لمقاومة الاستعمار. كما رصد مسار الجماعات الدينية المعاصرة، الإخوان والتجمع الإسلامي والجهاد والتكفير والهجرة والجماعة الإسلامية المقاتلة وسرايا المجاهدين، من خلال دراسة حالات بعينها، مظهراً تنوع الزعامات لأنصار هذه التنظيمات وأنشطتها وأصلها الاجتماعي.وحاول حيدر إبراهيم علي إظهار ما يميز الحركة الإسلامية السودانية عن بقية الحركات في العلم الإسلامي، كونها نشأت كجزء من الحركة المطالبة بالتحرر الوطني، علماً أن هناك نقاط اختلاف وتمايز بين صفوف الحركة قبل وصولها إلى السلطة السياسية، لكن تجربتها تعتبر اختباراً واقعياً لنظريات الإسلام السياسي، وموقفها من الديموقراطية وحقوق الإنسان وقبول الآخر وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.وفي خصوص الحالة اللبنانية، تناول عدنان السيد حسين تجربة حزب الله والجماعة الإسلامية، وبيّن تأثير ما يعانيه لبنان من تعدد طائفي ومذهبي فيهما، حيث لم تستطع الأحزاب والحركات الإسلامية أن تمنع نفسها من الاتصاف بالطائفية، وقد أثر هذا العامل كثيراً في انجازاتها وإخفاقاتها، وفي ما يواجهها من تحديات وأسئلة.وتتبع عمر كوش مسار المشاركة السياسية للحركة الإسلامية في سورية، حيث تناول مسار حركة «الإخوان المسلمون»، وتوقف عند آفاق المشاركة في الحراك الديموقراطي، سيما أن الإخوان المسلمين في سورية عبروا عن أنفسهم بالمشاركة في المؤسسات السياسية في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته، من خلال الإسهام في التجربة الديموقراطية الجنينية التي توقفت عام 1958. أما حالياً فلا شك في أن الإخوان المسلمين يشكلون إحدى القوى السياسية المهمة المطالبة بعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها، وإعادة السياسة إلى المجتمع السوري.وفي الحال الفلسطينية، تناول إبراهيم أبرش، حركة «حماس» والانتخابات الفلسطينية، مظهراً ما يميز الحالة الفلسطينية نتيجة خضوع الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل ما يسمى أحزاباً سياسية في الحقيقة فصائل مقاومة مسلحة ومكونات حركة تحرر وطني. وكان لهذا العامل أهمية كبيرة في قدرة «حماس» على تكييف برامجها المعلنة مع مشروع التسوية والالتزامات الدولية، ومدى استعداد حركة «حماس» لمبدأ تداول السلطة الذي هو جوهر الممارسة الديموقراطية. أما نبيل عبدالفتاح فقد اهتم بالمكانة السياسية المهمة التي أصبح يحتلها الإخوان المسلمون في مصر بعد الانتخابات النيابية عام 2005، التي خولت لهم الحصول على نسبة 21في المئة من المقاعد. ثم عرض رصيد الجماعة الذي دخلت به انتخابات 2005، إستراتيجيتها خلال هذا الاستحقاق الانتخابي، مستنتجاً أن قوة الإخوان المسلمين هي محصبة لتحول طويل. وفي السياق ذاته ذهب حسام تمام في تناوله تحولات الإخوان المسلمين، والكيفية التي أثرت بها المشاركة السياسية في حركة الإخوان، وركز على تماهي المشروع الإخواني في حدود الدولة الوطنية، وبروز روح إخوانية جديدة أساسها التكيف مع الواقع كما هو من دون السعي إلى تغييره، ثم اتساع القاعدة الاجتماعية للحركة، إذ أصبح مناضلوها من الطبقة البورجوازية المتدينة، وليس من الطبقات الاجتماعية المهشمة اجتماعياً وسياسياً.أما وفي التجربة التركية، فاهتم محمد خيري أوغلو، بالحركة الإسلامية السياسية التركية، من خلال تقويم حصيلة حزب العدالة والتنمية في تركيا، لكنه اعتبر الحركات الإسلامية التركية عموماً ردة فعل على النظام القائم الذي حاول خلق شعب معاصر وتقدمي بناء على اعتبارات علمانية لا على أساس هوية إسلامية. كما اعتبر تجربة الحركة بزعامة أربكان ناجحة على المستوى الاقتصادي وفي محاربة الرشوة مقارنة بفترة أردوغان. ومع تجربة حزب السعادة تبين أن هناك مجموعة من الانحرافات على المستويات الاقتصادي والاجتماعي والديني، في الشكل الذي أسهم في تراجع الحركة، لكن في المقابل حققت نجاحاً كبيراً على مستوى تسيير الجماعات المحلية. ولاحظ محمد العادل، في معرض رصده التجربة التركية من منظور آخر، أن هناك خصوصية تميز الحركة الإسلامية في تركيا، لأن واقعها نتاج تضحيات أجداد هذه الحركة منذ 1920، حيث كانت هناك حركات منذ فترات تاريخية مبكرة، ولكن تمت عملية إبادتها وقتل شيوخها بداية الثورة الكمالية. وما يميز هذه الحركات أنها كانت مستقلة، ولم تتأثر بالتيارات الإخوانية الخارجية، أي هي تيارات تركية أصيلة، كالحركة النقشبندية والحركة النورسية. ولم تتخذ مشاركة هذه الحركات في المؤسسات السياسية الطابع المباشر دائماً، بل كانت هناك أحزاب تتفاوض مع الطرق والحركات لدعمها، الأمر الذي سمح بوجود أفراد من هذه الحركات منذ سنوات الخمسينات من القرن العشرين في البرلمان، بالإضافة إلى ترشيح أعضاء بصفة مستقلة.لا شك في أن هذه الخصوصيات تنطوي في أهمية كبرى، كونها تساعد على فهم تركيبة الإسلاميين في تركيا. ومرت الحركات الإسلامية بمراحل تاريخية، جسدت تطورها، بدءاً من مرحلة حكم أتارتورك 1920- 1938 ومرحلة 1938 – 1950 اللتين عرفتا بروز مجموعة من الأحزاب، تميزتا بمواجهة بين الحركات الإسلامية والتيارات القومية، غلب فيهما طابع الحزب الواحد على المشهد السياسي. وشهدت الفترة الممتدة بين سنتي 1950 و1960 عودة الآذان إلى اللغة العربية وإعادة الاعتبار الى التعليم الديني، ثم ظهر حزب النظام الوطني خلال مرحلة 1965 - 1980، وشكّل خليطاً من الإسلاميين المتأثرين بحركة الإخوان وجماعة النور والجماعة النقشبندية، نتاجاً لبروز ثقافة التحالفات في ممارسة هذه الحركات. ثم عرفت فترة 1983 - 1993 تأسيس حزب الوطن الأم الذي حصل على أغلبية مقاعد البرلمان، وأسهم كثيراً في إعادة الاعتبار إلى التعليم الديني. وخلالها تنبهت الحركة الإسلامية إلى أهمية الاقتصاد، فتحولت إلى قوة اقتصادية، حيث ظهرت شركات مهمة تابعة للإسلاميين، ما منحهم الاستقرار. وقد استفاد حزب العدالة والتنمية من المراحل التي مرت بها الحركة الإسلامية تاريخياً، ومن أخطاء حكومة حزب الرفاه، ومن الأجواء الديموقراطية المتاحة في تركيا، ما سمح له بالنمو والتطور.في الختام اعتبر عبد الله تركماني أن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي تشكل نموذجاً يستحق التأمل في العالم العربي، وبخاصة من تلك الأحزاب التي تبحث عن المزاوجة بين الإسلام والحداثة، كونها تقدم مثالاً حيّاً على إمكانية الجمع بين الإسلام والحداثة. وأرجع أسباب صعود الحركات الإسلامية في تركيا إلى وصول الشعب التركي إلى مرحلة كشف فيها «ضلال» النخبة العلمانية، وإلى تزامن صعود حزب العدالة والتنمية مع تنامي توحش العولمة وانخراط الشعب التركي في البحث عن ثقافته وهويته التي يشكل الإسلام جزءاً مهماً منها، خصوصاً أن العلمنة التركية منذ سنة 1923 لم تأت في سياق جدل داخلي، لكنها كانت عبارة عن «قشرة» ألصقت بالمجتمع التركي بعدما مورس العنف في فرضها. واستطاع حزب العدالة والتنمية أن يوظف مختلف التحولات السياسية والاجتماعية في تصوراته وبرامجه، فهناك انتقاد ذاتي داخل الحركة، ونزوح عن الكارزمية والزعامات، والإيمان بالعمل الجماعي، مع الاهتمام بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية.غير أن أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من التجربة التركية تتلخص في كون النظام الديموقراطي السلمي هو القادر وحده على إحداث التغيير، فيما يظل الاعتقاد بامتلاك الحقيقة أمراً سلبياً وعائقاً ضد كل حراك ديموقراطي. ولعل هذه التجربة الناجحة تقدم للعرب درساً قوامه: ضرورة توفير فضاء ديموقراطي كفيل بخلق مناخ سياسي يتيح تنافساً سلمياً بين مختلف الفاعلين على تنوع توجهاتهم وأفكارهم.

posted under | 0 Comments
Newer Posts Older Posts Home

    يا خسارة علينا .

    يا خسارة علينا         .

مدوناتي


المصحف الشريف مكتوب
ملف وورد
هدية للمدونين للاستفادة في الاقتباس
اضغط على الصورة
father small

شرفونا

كلمات أحبها


قال الله تعالى
اني والانس والجن في نبأ عظيم
اخلق ويعبد غيري ... ارزق ويشكر سواي خيري الي العباد نازل ... وشرهم الي صاعد اتودد اليهم بالنعم ... وانا الغني عنهم ويتبغضون الي بالمعاصي ... وهم افقر مايكونوا الي اهل ذكري اهل مجالستي فمن اراد ان يجالسني فليذكرني اهل طاعتي اهل محبتي اهل معصيتي لا اقنطهم من رحمتي ان تابوا فانا حبيبهم وانا ابوا فانا طبيبهم ابتليهم بالمعاصي لاطهرهم من المعايب من اتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد ومن اعرض عني ناديته من قريب اقول له: اين تذهب؟ الك رب سواي؟الحسنة عندي بعشر امثالها وازيد والسيئة عندي بمثلها واعفووعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرت لهم

About Me

My photo
مشروع طبيب أحب الحرية جدا واحب الحب وأكره الظلم والنفاق أتمنى أن أرى بلادنا اسمها في السماء و احبكم

لمـــــــــــــــــــاذا دكتـــــــــــــور حر ؟

دكتور لأني طبيب
وحر لأني أؤمن بالحرية وأعشقها وأحلم بها تعم بلادي وكل الدنيا

أكتب هنا في مدونتي أشياء مني تعلمتها وشهدتها أو أصوغها كما رأيتها
خير من أن تظل الفكرة حبيسة الجمجمة
وكما قيل فإن الفكرة طائر وصيدها كتابتها
ولأجعلها ميراثا مكتوبا لمن بعدي
والله المعين

    دكتور حر على الفيس بوك

    القرآن بصوت والدي رحمه الله

    father small

    اخترنا لك


Recent Comments